لغة القالب

القائمة الرئيسية

تابعنا

الرسالة السادسة: ليس كل رأي يستحق الاحترام


الرسالة السادسة: ليس كل رأي يستحق الاحترام

صديقي العزيز،

واحدة من أهم الدروس التي تعلمتها، والتي أصبحت على يقينٍ تامٍّ بها، هي أن تجاهل معظم ما يُقال لي هو أحد مفاتيح راحة البال. لا أقصد هنا التجاهل بمعنى العناد أو رفض الاستماع، بل بمعنى التمييز بين الكلام الذي يستحق الانتباه، وذلك الذي لا قيمة له سوى كونه مجرد ضوضاء.

الكثير من الناس يحبون الحديث، يحبون إبداء الرأي في كل شيء، حتى في أمور لا تعنيهم ولا يملكون عنها معرفة حقيقية. البعض يتحدث لمجرد الظهور، لإثبات أنه "يفهم"، ليبدو أكثر ذكاءً أو معرفة مما هو عليه في الواقع. لكن الحقيقة هي أن الجاهل هو أكثر من يظن أنه يعرف كل شيء، بينما العاقل يدرك حجم ما يجهله.

عندما خضت تجربة التأليف، سألت بعض الأصدقاء عن آرائهم، وكان من بينهم شخص أشك أنه قرأ كتابًا كاملًا في حياته، ومع ذلك، لم يتردد في إبداء رأيه بثقة وكأنه ناقد أدبي مخضرم. لحظتها أدركت حقيقة بسيطة لكنها مهمة: ليس كل رأي يستحق الاحترام، لأن بعض الآراء لا تستند إلى أي معرفة حقيقية.

لهذا، لم أعد أمنح أي وزن لكل ملاحظة أو نقد أو رأي يقال لي، خاصة عندما يتعلق الأمر بشيء يعني لي حقًا. تعلمت أن أُغربل الآراء، أن أميز بين الحديث العابر والكلام الذي يحمل قيمة حقيقية، وألا أسمح لأي شخص بأن يُشكّكني في خطواتي لمجرد أنه قرر التحدث بثقة.

وفي المقابل، هناك قلة قليلة من الناس، حين يتحدثون، يجب أن أستمع لهم جيدًا. هؤلاء لا يتحدثون لمجرد الحديث، بل لأن لديهم حججًا راسخة، قناعات ثابتة، وملاحظات ثاقبة تستحق التمعن. هؤلاء فقط هم من يستحقون أن ننصت لهم، لأن كلماتهم ليست مجرد صدى لأحاديث الآخرين، بل تجربة وفهم حقيقي.

السر ليس في سماع الجميع، بل في معرفة من يستحق أن تُنصت إليه. لا تمنح احترامك لكل رأي لمجرد أنه قيل، لأن بعض الآراء لا تعكس سوى جهل أصحابها.


بقلم: م/ موفق السنوسي

0التعليقات