الرسالة السادسة والعشرون: لستَ ملزمًا بإبداء رأي في كل شيء
صديقي العزيز،
هناك من يعتقد أن عليه أن يكون له رأي في كل شيء، وأن عدم إبداء وجهة نظر في أي موضوع يُعد علامة على الجهل أو ضعف المعرفة. لكن الحقيقة التي أدركتها هي أن الوعي الحقيقي لا يعني أن تتحدث في كل شيء، بل أن تدرك متى يكون الصمت أكثر حكمة.
احترامك لذاتك يبدأ بمعرفة حدودها، وعدم وضعها في مواقف قد تؤدي إلى إحراجك أو توريطك فيما لا يعنيك. الحرج الحقيقي ليس في الاعتراف بأنك لا تملك رأيًا في موضوع معين، بل في التسرع بإبداء رأي غير مدروس قد تكون له تبعات لا تدركها.
كم من شخص أصدر حكمًا في لحظة اندفاع، فوجد نفسه لاحقًا في مأزق لأنه لم يكن يملك الصورة الكاملة؟ وكم من رأي غير محسوب تسبب في ظلم طرف على حساب آخر، فقط لأن صاحبه شعر أنه ملزم بالمشاركة في الجدل؟
تعلمت أن عدم امتلاكي لرأي في بعض المواضيع ليس ضعفًا، بل هو إدراك لحجم معرفتي وحدودها. وأحيانًا، الصمت هو الخيار الأكثر ذكاءً، لأنه يمنحك الوقت للتفكير، ولتفادي الانجراف في قضايا قد يكون لها تبعات لا تستحقها.
لستَ ملزمًا بأن يكون لك رأي في كل شيء، لكنك ملزم بأن يكون رأيك في محله، حين تقرر أن تتحدث.
بقلم/ م. موفق السنوسي