الرسالة الخامسة والعشرون: لا تحاور من لا يفهم لغتك
صديقي العزيز،
من الدروس التي تعلمتها مؤخرًا، هو أن بعض الحوارات محكوم عليها بالفشل منذ بدايتها، ليس لأن فكرتك خاطئة، بل لأنك تتحدث بلغة لا يفهمها الطرف الآخر. قد تبدو الكلمات مفهومة، لكن المعاني لا تصل، لأن الأرضية الفكرية والقيم التي تنطلق منها تختلف تمامًا عن أرضية من تحاوره.
تخيل أنك تحاول إقناع شخص مادي بحت أن الجوهر أهم من المظاهر، أو تحاول شرح أهمية القناعة لشخص لا يرى في الحياة سوى أرقام الحسابات المصرفية. مهما استخدمت من حجج وبراهين، ستظل تدور في حلقة مفرغة، لأنكما ببساطة لا تتحدثان اللغة نفسها.
لهذا، لم أعد أُهدر وقتي في محاولات عبثية لتغيير قناعات شخص لا يمتلك الاستعداد لفهمها. حين ألاحظ أن الحوار يسير في طريق مسدود، أتوقف، أنسحب بهدوء، أو أغير الموضوع إلى شيء أكثر بساطة، فقط لأحافظ على هدوئي وسلامي النفسي.
ليس كل معركة تستحق أن تُخاض، وليس كل نقاش يستحق أن يُكمل. أحيانًا، الإدراك بأنك تتحدث مع شخص لا يرى العالم كما تراه أنت، هو أعظم انتصار يمكنك تحقيقه.
بقلم/ م. موفق السنوسي