لغة القالب

القائمة الرئيسية

تابعنا

الرسالة الثالثة والعشرون: لا تترك النهايات مفتوحة


صديقي العزيز،

من أكثر الأمور التي أرهقتني في الحياة هي تلك التجارب التي لم تحظَ بخاتمة واضحة، المواقف التي بقيت مفتوحة دون تفسير، والعلاقات التي انتهت بصمت دون إغلاق حقيقي. عدم وجود خاتمة يجعلني عالقًا بين الماضي والحاضر، غير قادر على إدراك الدرس بالكامل أو الشعور بأنني تجاوزت التجربة فعلًا.

إن الخاتمة ليست مجرد نهاية، بل هي لحظة الإدراك التي تسمح لك بالمضي قدمًا. حين تكون النهاية واضحة، تستطيع أن تفهم ما حدث، أن ترى الصورة كاملة، أن تستوعب الخطأ إن وُجد، وأن تدرك مكان الخلل، مما يساعدك على التعلم والتطور. لكن حين تبقى الأمور غير محسومة، تظل دائرة الأسئلة تدور في رأسك، تستهلك طاقتك دون أن تصل إلى أي نتيجة.

ومع ذلك، أدركت أن الخاتمة ليست دائمًا بيدك وحدك. هناك مواقف لا يمنحك الآخرون فيها النهاية التي تستحقها، سواء بسبب التجاهل، الهروب، أو عدم النضج في مواجهة الحقيقة. لكن حتى هذه الحالة، رغم قسوتها، تعد خاتمة بحد ذاتها، لأنها تكشف لك طبيعة الشخص الذي كنت تتعامل معه، وتجعلك تدرك أنه لم يكن على مستوى وضوحك أو نضجك.

لذلك، لم أعد أتهرب من النهايات، بل أبحث عنها، أحرص على إغلاق الفصول بوعي، حتى لا تظل الأبواب القديمة مفتوحة تعرقل مسيرتي. لأن الخاتمة ليست مجرد نهاية، بل هي بداية جديدة لا يمكن أن تبدأ إلا عندما تغلق ما قبلها بالشكل الصحيح.


بقلم/ م. موفق السنوسي

0التعليقات