مراجعة كتاب: الوجود والعزاء
اقتباس:
"ينبغي أن يكون هناك توازن بين الرغبة والقدرة، ذلك أن المصدر الأساسي للشقاء هو اختلال التوازن بينهما ،بحيث قد نكون أحياناً غير راغبين في أي شيء، وقد نكون أحياناً آخرى راغبين في ما لا نقدر عليه .."
اسم الكتاب: #الوجود_والعزاء
تأليف: #سعيد_ناشيد
دار النشر: التنوير
تاريخ النشر: 2020
عدد الصفحات: 285
إن دور الفيلسوف أن يساعدك على إعادة صياغة فكرتك بنحو يخدم قدرتك على عيش الحياة؛ لأن الأهم من معنى الحياة هو القدرة على عيش الحياة. هنا بالذات يكمن دور فلاسفة العيش، أولئك الذين قدّموا لنا الدروس عن الحياة الجيدة. حياة جيدة هي حياة يكون فيها المرء قادرًا على عيش الحياة. فالحياة ليست شعارات وأوهام الأفكار والعقائد الخلاصية. وكلما تخلصنا من النظرة السحرية للعالم ندرك أن في كل حب كبير كراهية تنفجر بين الفينة والأخرى، وتعلمنا أن في كل قوة عظيمة هشاشة قد تنكشف بنحو مفاجئ، كما يعلمنا التاريخ أن كل الثورات مغدورة في كشف الحساب النهائي.
لقد جعلتنا جائحة كوفيد 19 ننتبه إلى قيمة الحياة العادية البسيطة التي كانت لدينا، فقد فرض الحجر الصحي علينا أن نفقد أهم شروط السعادة التي هي في حوزتنا دون أن ننتبه إليها، وهي الحياة التي نسميها بالحياة العادية بكل ما تبدو عليه من رتابة وتفاهة أيضًا؛ الذهاب إلى العمل، المشي في الشارع أو في الحديثة، الثرثرة في المقهى، الذهاب إلى السوق، السفر إلخ. هذا لعمري هو درس بليغ من دروس فلسفة العيش، يعلّمنا أن قدرنا أن نواجه الخيبة ونحوّلها إلى فرصة للتمرّن على عيش الحياة.
طبعاً نحن لا نرفض أو ننكر أن في الوجود فرح وسعادة ونجاح .. وهو ما تناولناه في أكثر من كتاب . لكننا هنا في هذا الكتاب نتحدث عن تقبل الخيبة في سبيل عيش صحي . وبالتالي من شأن تقبل الخيبة الجذرية أن يخفف عنا من شدة الملل حين نمل، ومن حدة الألم حين نتألم، ومن وطأة الحنين حين نحنّ، ليس لأن الحياة موجودة لكي نعبرها كما يقول شوبنهاور، بل لأنها موجودة لكي نعيش كل لحظة من لحظاتها بكل الكثافة الممكنة مثلما يقول أحد أبرز حكماء العيش في الفلسفة المعاصرة، فريدريش نيتشه. ذلك أننا لا نعيش الحياة إلا حين نعيشها لحظة بلحظة.