مقال: هون عليك
كان الأمر أشبه بمعركة تجد نفسك في المنتصف لا أنت تحمل سيفاً ولا أنت الذي ترمي رمحًا. والقتال يشتد لا تريد الموت ولا تحاول النجاة. كل ما في الأمر أنك تود الفكاك. أكان طلبك كبيرا لهذا الحد؟! كيف يمكن للإنسان أن يحيا حياةً لا يشعر بها، تارةً يحبها ويريدها وتارةً يكرهها ويبغضها، أما كان يجب أن تستريح قليلا؟!
ولدَ الانسان ليجد نفسه يبكي، وحين يكبر لا يتوقف أيضا عن البكاء وليس البكاء الذي تصحبه الدموع هو ما أقصده، فهذا من أقل الدموع ألمًا، ولكنِ أتحدث عن دموع النفس ونزيف الروح.
يتهمك البعض بالبرود والأخر بالسذاجة وأنتَ رغم الذي فيك؛ ما كنتَ لتبالي بأحاديثهم واصفاً نفسك بالقوة، وتدرك متأخرا بأنك أضعف من أن تتحمل كل هذا بمفردك.
يا صديقي إياكَ وإبداء ضعفك هذا، ليس مهماً ما يراه الآخرون فيكَ المهم ما تراهُ أنتَ داخلك. تماسك ولا تبحْ لن يشعر أحدٌ بألمك هذا. فكلنا يخوض في هذا الدنيا معركة ليس عليكَ ربحها لتخسر نفسك ولا يجب أن تخسر نفسك لربحها، فإما أن تربحها دون أن تخسر نفسك أو أن تخسرها من أجل نفسك ولا ضرر.
بعض المعارك خسارتها فوز ولكن إياك أن تفوز في معركةً على حساب نفسك. فاللهُ لا يكلفُ نفسًا إلا وسعها، ولكن هذا لا يعني أن تستسلم للهزيمةِ من قبلِ أن تجاهد.
دعك من هذا الآن فأنا أشعر بكَ وهذا قد يخالف ما قلته منذ قليل بأنه لا يمكن لأحد أن يشعر بكَ غيرك، ولما لكل قاعدةٍ استثناء، وأنا استثناء تلكَ القاعدة؛ ربما تسميه غرورا أو أي شيء آخر فلا تهمني المسميات عادةً، ولكنَ ما يهمني هو أنتَ ولا أحدٌ سواك.
كم مرةً أخبرك َأحدهم كلمةً مازحا بها وأخفيت أثرها في نفسك؟ كم مرةً ابتلعت غصتك بطعمِ العلقمِ المر؟
لطالما كنتُ أتساءل إلى متى يجب علينا السكوت والكتمان أما حان الوقت لنتحدث ونخرج ما كتمناه أو أنه سيبقى أمد الدهر؟!
هون عليكَ ولا تجزع تحمل وقاتل بكلِ ما أوتيتَ من قوة. وإن كنت تنتظر الوقت المناسب فهو الان، وعليكَ المضي قُدما.
لا تحزن فإن كل شيء بيد الله الذي لا يظلم مثقال ذرة هو سبحان القائل في كتابه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4].
ثق بالله وكن على يقين أن الله لن ينسى كلَ مرةٍ سكتَ خوفا من أن تجرح أحدهم بكلمةٍ، وكل مرةٍ كظمتَ فيها غيظ وعفوت عن من آذاك أو ظلمك.