الرسالة السادسة عشرة: ليس كل طريق مزدحم هو الطريق الصحيح
صديقي العزيز،
كم مرة وجدت نفسك تتساءل: إن كان الجميع يفعلون ذلك، فهل يعني أنه صحيح؟ في عالم يمتلئ بالاتجاهات السريعة والتيارات الجارفة، من السهل أن نعتقد أن السير مع الأغلبية هو الخيار الآمن، لكن الحقيقة التي أدركتها أن الكثرة ليست دائمًا دليلًا على الصواب، والطريق المزدحم ليس بالضرورة الطريق الصحيح.
كثيرًا ما نرى أفكارًا شائعة وممارسات يتبناها الناس دون تفكير، فقط لأنها منتشرة. لكن التاريخ مليء بأمثلة على قرارات خاطئة تبنتها الأغلبية، فقط لأن أحدًا لم يتوقف ليسأل: هل هذا هو الخيار الصحيح حقًا؟ لا شيء أكثر خطورة من السير مع التيار لمجرد أن الجميع يسيرون فيه، دون أن نتوقف للحظة لنقيّم الأمور بعقلانية.
هذا لا يعني أن علينا دائمًا أن نرفض ما يفعله الآخرون، ولكن يجب أن يكون لنا تفكيرنا المستقل. في حياتنا الشخصية والمهنية، قد يكون الخيار السهل هو اتباع ما هو شائع، لكنه ليس دائمًا الخيار الأفضل. الأشخاص الذين يجرؤون على اتخاذ مساراتهم الخاصة، حتى إن كانت غير مألوفة، هم غالبًا من يصنعون الفارق، وهم من يصلون إلى أماكن لم يصلها غيرهم.
أما في القيم والمبادئ، فإن الثبات على ما نؤمن به، حتى لو كان مختلفًا عما يراه الأغلبية، هو ما يجعلنا نعيش حياة أكثر صدقًا واتساقًا مع أنفسنا. الانسياق خلف الكثرة دون تفكير قد يجعلنا نخسر أجزاء من هويتنا دون أن ندرك ذلك. لكن ما الجدوى من الوصول إلى أي مكان إن كان الثمن هو أن نفقد ذواتنا على الطريق؟
لا تجعل عدد السائرين في طريق ما هو المعيار الذي تعتمد عليه. فكر، حلل، واختر مسارك بناءً على وعيك وقناعاتك، لا بناءً على عدد الذين سبقوك إليه. فالأصالة لا تأتي من اتباع الجميع، بل من معرفة متى يكون الطريق المنفرد هو الطريق الصحيح.
بقلم/ م. موفق السنوسي