لغة القالب

القائمة الرئيسية

تابعنا

مقال: رسالة إلى الزملاء المتدربين والمتدربات - الجزء الأول

نشر هذا المقال في 24  يونيو 2018 م على صحيفة ماب نيوز الإخبارية
ويعاد نشره الآن على موقع مبادرة أداة بعد أخذ الإذن من الكاتب
تلقيت اتصال من أحد الزملاء الذين أُكِّن لهم التقدير يطلب فيه أن يتدرب أحد أبناء أصدقائه لديّ بمكتب المحاماة للحصول على رخصة مزاولة مهنة المحاماة بعد قضاء فترة التدريب. وكال زميلي المديح لطالب التدريب والثناء عليه وأنه ذكي جداً وسيكون اضافة نوعية للمكتب. فطلبت منه ارسال سيرته الذاتية للاطلاع عليها. 

وفعلاً قام بإرسالها وكانت جيدة. فقمت بالاتصال على طالب التدريب لتحديد موعد للمقابلة الشخصية معه وتم تحديد الموعد وفي نهاية الحِوار الهاتفي ختم طالب التدريب المكالمة قائلاً" تمام يلا نشوفك على خير مؤيد - حاف-" فكانت مناداته لي بإسمي دون أي يسبقها بالأستاذ في الوقت الذي كنت أنعته فيه طيلة المكالمة بالأستاذ نقطة استيقاف اولى. 

فمن ينادي المسؤول عنه في العمل باسمه مجرداً كيف سيتعامل مع محيط المحاماة والقضاء والعملاء وبأي أسلوب سيخاطبهم!! حضر طالب التدريب لموعد المقابلة وكان اريحياً منذ دخوله وكأنه أحد زملاء الابتعاث الذين كانوا لا يفارقوني أثناء الدراسة في الخارج. 

ثم بدأت في طرح الاسئلة عليه فكانت اجاباته متوسطة ومهزوزة بعض الشيء. وبعد السؤال الرابع باغتني بسؤال كان نصه:" انا كيف حشتغل؛ راتب؟ ولا نسبة؟ ولاااا راتب ونسبة؟ فكانت إجابتي بلهجة حازمة: "انت خليني أقبلك أول كمتدرب وبعدين نشوف الراتب والنسبة" فأردف قائلاً:" أنا ممكن اشتغل براتب ... بس في البداية" فأنهيت المقابلة وقلت له:"ان شاء الله - بنية التعليق لا التحقيق- سنتصل بك وقت ما يفضى مكان". 

هذه الحادثة وبعضها من الوقائع المتكررة والمشابهة بعض الشيء من بعض المتدربين والمتدربات هي الدافع الأساسي وراء كتابة هذا المقال الذي سأجعله من جزئين. 

ولأَنِّي وجدت أنه من الواجب عليَّ تجاه زملائي المبتدئين في مهنة المحاماة أن يعوا ويدركوا بعض النقاط الهامة - من وجهة نظري-التي ينبغي ألا تفارق وجدان أي حقوقي يسعى بأن يكون محامياً متميزاً وبارعاً فكان حتماً عليَّ كتابة المقال. وأوجز النقاط المهمة التي أرى لزوم حضورها أمام المتدربين والمتدربات في الآتي: 

أولاً: لا بد أن تُدرك أخي المتدرب أن المحاماة بحر لا ساحل له، وأن عليك أن تُعطي المحاماة كُلَّك حتى تظفر بجزئها، وأنك كلما تعلَّمت فيها مهارة أو فن من فنونها زادك هذا العلم جهلاً بها. فالمحاماة مهنة الكِبار علماً وعملاً وقولاً، والمحاماة مهنة القوي المتمكن من علمه وحجته وقلمه، والأمين على قضاياه ومصالح موكله فلابد ممن يريد الانتساب اليها أن يكون مُهيئاً لها. ولا بد أن يرى المحامي الذي ترغب في قضاء فترة تدريبك لديه أنك تُقدِّر المهنة وتنزلها منزلتها وأنك شغوف بها غاية الشغف وأنك ممن سيكون صاحب بصمة في عالم المحاماة. 

ثانياً: لا بد أن تُدركين أختي المتدربة أن عدد المتدربات كثير فإذا أردتِ أن تكوني من بينهن وجب عليكِ لزاماً أن تكوني متميزة ولديكِ من الثقافة الحقوقية ما يؤهلك لشغل مقعد التدريب، ولديكِ الرغبة الأكيدة بالالتحاق بركب المناصرات للعدالة والمُدافعات عن الحقوق. ولا بد أن تستوعب أخي المتدرب أن المقابلة الشخصية التي تُجريها في المكتب الذي تود التدرُّب فيه هي أمر في غاية الجدية، هذه الجدية التي تعد من الصفات الاساسية المرتبطة بالمحامي الناجح. فلا بد أن تُهيىء نفسك أنك ذاهب لأول قضية تترافع فيها عن نفسك محاولاً إقناع القاضي بقضية تخص مستقبلك. فتفنن بقدر المُستطاع بشكل مُبْهر في إظهار معلوماتك القانونية والشرعية و إمكانياتك بالحُلّة اللائقة . فالجدية وسعة الإطلاع واللباقة والبديهة الحاضرة والثقة بالنفس في المقابلات الشخصية تُعد من مفاتيح نجاحها. 

ثالثاً: أخي المتدرب اذا تم قبولك بمكتب محاماة فاعلم أنك ربحت أول قضية في حياتك فعليك أن تُفكِّر في تنمية مهاراتك وقدراتك ورصيد معلوماتك القانوني وعلاقاتك مع الوسط المحيط بمهنتك وذلك من خلال مُطالعة الأنظمة، والاطلاع على العقود التي أبرمها المكتب وأنواعها ومعرفة كيفية صياغتها وتحريرها ومراجعتها وتدقيقها. وعليك بقراءة القضايا التي يُباشرها المكتب أو المؤرشفة بتأن وتؤدة وتمعُّن في كل ملف بداية من قراءة صحيفة الدعوى والطلبات واسانيدها ثم المذكرات الجوابية التي كانت بين الطرفين ثم الحكم وحيثياته ومسبباته ومنطوقه ومفهومه. وحاول أن تُدقق بأساليب تحرير مذكرات الأطراف محاولاً استشفاف أي المُذكرات الأوقع أثراً في النفس. وحاول أن تدوِّن العبارات الجديدة المُستخدمة في الصياغة القانونية والشواهد الملفتة والأساليب الكتابية القانونية الأدبية التي تُلفت انتباهك. ثم حاول أن تكتشف النقاط التي يمكن أن تنفذ من خلالها أو التي ستعتمد عليها عند صياغتك للائحة الاعتراضية الخاصة بالقضية التي تقرأها ثم أشرع في كتابة لائحة اعتراضية على الحكم قبل أن تقرأ اللائحة التي قُدِّمت من قِبَل المكتب الذي تتدرب فيه. وحاول أن تقرأ وتقرأ وتقرأ في كل ما له علاقة بالشرع والقانون كالفقه وقواعده وأصوله و الأنظمة ولوائحها التفسيرية وقراءة جميع ما يُكتب حولها. وعليك بقراءة المدونات القضائية، وكل كتاب له علاقة بالقانون والمعاملات في الفقه الشرعي. واحرص على توسيع دائرة معارفك في محيط عملك حتى تكتسب من خبرات من سبقوك في هذا المجال. 

وسأكمل المقال في الجزء الثاني بإذن الله.


بقلم:
المحامي مؤيد محمد السنوسي
للتواصل:
www.twitter.com/moayadalsanoosi
المصدر:
https://twitter.com/MapNewsAR/status/1010809897418665984?s=20

مواضيع مقترحة

0التعليقات