سلسلة مقالات حقوق العامل: حقوق المرأة العاملة في نظام العمل السعودي
نظام العمل السعودي شأنه شأن أي نظام في المملكة العربية السعودية خاضع لأحكام وتعاليم الشريعة الإسلامية، والتي تكفل للمرأة حقوقاً كثيرة، على عكس ما ينادي به أنصار الحرية في الدول الأخرى واعتقادهم بأن المملكة تهضم حقوق المرأة، ولكن لندع الواقع يتحدث، فمساواة هذه الدول المرأة بالرجل في كل الأمور أدت في الحقيقة إلى هضم حقها وجعلتها تتحمل أعباءً تفوق قدراتها الجسدية وتحملها، أما تشريع المملكة فقد راعى وضع المرأة الخاص وطبيعة تكوينها، وراعى أيضاً وضعها الاجتماعي كزوجة وأم، كل ذلك كفل لها حقوقاً تعجز هذه الدول عن توفيرها للنساء العاملات لديها.
حيث يحظر نظام العمل السعودي على أصحاب العمل تشغيل المرأة في أي من الأعمال التي قد تعرضها للخطر، ويجدر الإشارة أن هذه الأعمال لم تحدد على سبيل الحصر وإنما ترك لوزير العمل تحديدها، ويجوز له أن يصدر شروط خاصة بالنساء في حال كانت هذه الأعمال الخطر تشتغل بها النساء.
حيث جاء نص المادة المائة والتاسعة والأربعون :(يحظر تشغيل المرأة في المهن والأعمال الخطرة أو الضارة ويحدد الوزير –بقرار منه- المهن والأعمال التي تعد خطرة أو ضارة من شأنها أن تعرض النساء لأخطار أو أضرار محددة مما يجب معه حظر عملهن فيها أو تقييده بشروط خاصة).
والمتأمل في نص هذه المادة يجد أنه لم يحدد الأعمال التي يحظر على المرأة العمل فيها، مما يفهم بأن المرأة يحق لها العمل في كل المجالات إلا ما جاء النص على تحريم عملها فيه، وهذا النص مرن للغاية حيث أنه يكفل حق المرأة في مزاولة العمل بشكل عام.
ومن الأعمال التي جاء قرار الوزير بمنع أصحاب العمل من تشغيل المرأة فيها، المناجم والمحاجر والأشغال الأخرى التي تتصل باستخراج مواد معدنية من باطن الأرض.
فكل من الأعمال السابقة تتطلب مجهوداً كبيراً من العاملين فيها، وقوة جسدية عالية، لا تتوفر لدى النساء وذلك يعود للاختلافات الفيسيولوجية ببين كلا الجنسين، حيث أن الرجال أقدر على التحمل من النساء، فيما يتطلب مجهود جسدي، وهذا الحظر لا يقتصر على حماية المرأة العاملة من الأخطار والأضرار التي قد تصيبها، بل يشمل حماية جنينها من هذه الأضرار التي قد يتعرض لها أثناء تأدية المرأة العاملة لواجبات عملها.
وهذه الأعمال جاء حظر تشغيل المرأة فيها في أي وقت، فالعمل هنا محظورعلى أصحاب العمل تشغيل المرأة فيه لذاته لا لوقت أداءه، ولكن توجد بعض الأعمال التي يُحظر تشغيل المرأة فيها رجوعاً لوقت أدائها، لا للعمل في ذاته. مثل منع تشغيل النساء قبل شروق الشمس أو بعد غروبها، لمدة لا تقل عن إحدى عشرة ساعة، فلا يجوز أن تعمل المرأة في أثناء هذه الفترة الممنوعة وإن اتفقت مع صاحب العمل على التنازل عن حقها فيها.
وقد أقر نظام العمل السعودي للمرأة العاملة الحق في الحصول على إجازة وضع لمدة عشرة أسابيع مدفوعة الأجر توزعها المرأة كيفما تشاء، وتبدأ هذه الإجازة قبل التاريخ المتوقع للوضع بأربعة أسابيع حتى ترتاح فيها المرأة وتستعد للولادة نفسياً وجسدياً وفي ذلك مراعاةً كبيرة لوضعها.
كما أنه يحظر النظام على أصحاب العمل تشغيل النساء بعد الستة أسابيع التالية للوضع، ولها في حالة إنجابها طفل مريض أو من ذوي الاحتياجات الخاصة أن تتمتع بإجازة لمدة شهر بأجر كامل.
وأقر النظام السعودي للمرأة العاملة المسلمة التي توفى عنها زوجها الحق في الحصول على إجازة عدة لمدة لا تقل عن أربعة أشهر وعشرة أيام من تاريخ وفاة زوجها، ويحق لها للمرأة العاملة غير المسلمة المتوفي عنها زوجها الحق في الحصول على إجازة لمدة خمسة عشرة يوماً من تاريخ وفاة زوجها، وتكون هذه الإجازة مدفوعة الأجر، ولها الحق أيضاً في تمديد هذه الإجازة إذا كانت حاملاً لحين وضعها حملها وتكون بدون أجر.
ويجب على صاحب العمل توفير الرعاية الصحية اللازمة للمرأة العاملة أثناء فترة الحمل والولادة، كتوفير طبيب على دراية بأساسيات تشخيص النساء الحوامل أو اللاتي خرجن من فترة الحمل للتو.
وحين عودتها للعمل يجب أن تعطى استراحة لإرضاع مولودها لمدة ساعة، كما أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال لصاحب العمل فصل المرأة أو إنذارها بذلك أثناء تمتعها بإجازة الوضع أو في فترة إجازتها التي يكون سببها مرضاً ناتجاً عن حملها أو ولادتها.
كما يجب على صاحب العمل الذي يشغل النساء لديه أن يوفر لهن مقاعد للجلوس عليها والاستراحة من الوقوف أثناء تأدية العمل.
فهذه الرحمة التي عرفها نظام العمل السعودي لهؤلاء النساء، فهل عرفت الدول المتطورة هذه الحقوق، أما أنها تدعو للمساواة على إطلاقها ؟ فإن في ذلك إجحاف بحق المرأة التي تخلف عن الرجل في القوة والطاقة، فالمساواة تختلف عن العدل، المساواة في بعض الأمور قد تضرب بالعدالة عرض الحائط.
إعداد: روان فرج الحربي
مشرفة فريق مقهى أداة القانوني
مشرفة فريق مقهى أداة القانوني