اترك إرثك الاجتماعي.. وتفكّر! - الجزء الأول
خلق الله كل ما في هذا الكون متقنًا محكما، من أصغر الإلكترونات إلى فضائنا العظيم وثقبه الأسود، إلى أنفسنا.. إن كل شيء في قمة الانضباط!
قال الله تعالى: ﴿صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ (سورة النمل|88)
هل تساءلت يومًا عن ماهية الفطرة التي جبل عليها جميع البشر؟
الفطرة هي طبيعتنا السليمة، أصلنا في أول خلقنا. أودعها الله فينا بمثابة البوصلة في هذه الحياة، نعرف بتلقائية من خلالها -حتى دون تعليم- إن كنا أحسنّا أو أخطأنا، وبسبب فطرتنا نتألم من داخلنا إذا اسأنا التصرف أو قمنا بفعل شرير، تخيل إن كنت دهست ذات يوم إنسانًا أو حتى قطة، وفررت هاربًا من العقوبة والجزاء.. هل ستستطيع نوم تلك الليلة؟ أو الليلة التي تليها أو حتى الشهور القادمة؟ أعتقد أنك لن تشعر بالراحة حتى تنال الجزاء! بتلك الفطرة سنعرف فورًا إن أخطأنا، دون تنبيهٍ ولا توجيه.
﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ (سورة الشمس)
إن تعقبنا همس فطرتنا في خضم حياتنا التي تزداد تعقيدًا لوجدناها -قطعًا- تقودنا إلى خالقنا.. الله جل جلاله. وهي لا تقود إلا إليه وحده، وإن تفكّرت لوجدت كل ما في الكون يقودنا له سبحانه، العلم، الفطرة، البداهة، الجمال، كل المخلوقات.. إن كل شيء يشير إلى عظمة الخالق سبحانه وتعالى وبديع صنعه.
دعونا نترك إرثنا الاجتماعي.. نتبع فطرتنا السليمة.. ونفكّر:
- لماذا نحن مسلمون؟
إن كنت مسلمًا لأنك وجدت قومك مسلمين وفقًا للثقافة المحلية والاجتماعية.. فأرجو أن تتفكّر في ربك وعظمته، ودينك وتمامه، ورسولك سيد الأخلاق..
إنه سؤال عميق، وإجابته ليست بسهلة، وبالرغم من أنني لست عالمة دين ولا باحثة شرعية، إلا أنني مصرّة على الإجابة.. لأنني مسلمة، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسوله، ولذلك سأقول ببساطة: الإسلام دين يتوافق تمامًا مع فطرتنا، فهو لا يأمرنا ولا يحثّنا إلا على ما ترتاح له فطرتنا، ولا ينهانا إلا عن كل ما يؤلم فطرتنا.
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ ( سورة الروم )
الإسلام هو دين متمم ومكمل لمكارم الأخلاق، ويعزز رغبة الفرد الفطرية في تحسين جودة الحياة، والتي أعتقد أنها لا تحتاج قناعة دينية تحث عليه، وبالرغم من ذلك نجد الإسلام الحنيف بمبادئه المحكمة المتزنة يحث من خلال تعاليمه على عيش حياة كريمة. وهناك العديد من الأحاديث النبوية التي تؤكد اهتمام الإسلام برغباتنا الفطرية منسجمًا وموجّهًا لها بحكمة واعتدال.
ونبينا صلّ الله عليه وسلم كان صاحب طبيعة إنسانية معتدلة ومكتملة في الأخلاق التي يتفق على رقيّها كل البشر، ولذلك اصطفاه الله من بد كل البشر، قال الله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ((سورة القلم: 4)، وقال أيضًا عزوجل: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين ) (سورة الأنبياء|107)
أي أن الرسول صلّ الله عليه وسلم هو الشخص الأمثل لحمل ونشر رسالة الرحمة.. الإسلام.. وهو بذلك يكون خير قدوة لنا
كل ما قلته إلى الآن، هو أبسط وأقصر إجابة عن السؤال الذي طرحته سابقًا.. وسأفصّل أكثر في مقالٍ قادم بإذن الله.
قبل أن أنهي المقال: أنا أدعوكم، وأدعوا نفسي، للتفكير جيدًا وبكل صدق في الإجابة، خصوصًا أننا في شهر رمضان المبارك وهذه فرصة مناسبة لنقوّي الرابط بيننا وبين خالقنا عزوجل.
وأرجو أيضًا ألّا نستهين بالتفكّر، إنه من هبات الله لنا، وهو قمة اللطف الإلهيّ بنا..
( كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون) (سورة البقرة| 24)
ولذلك علينا أن نقدر ديننا الذي يحثنا على التأمل ونعرفه حق المعرفة..
وأخيرًا:
أشهد ألا إلى إلا الله .. محمدًا رسول الله.
بقلم فيّ الغامدي
الله الله اعجبتني عبارتك "ونبينا صلّ الله عليه وسلم كان صاحب طبيعة إنسانية معتدلة ---اشرتي الى التوازن في منهجه صلى الله عليه وسلم والذي يغفل عنه كثير من الناس --بارك الله فيك يافئ وفتح الله عليك
ردحذف