لغة القالب

القائمة الرئيسية

تابعنا

مُعضلة الأتعاب


الأتعاب هي المُقابل المالي الذي يحصل عليه المُحامي لقاء الخدمات القانونية التي يقدمها سواءً أكانت استشارة قانونية، أو صياغة قانونية؛ لعقد، أو لصحيفة دعوى، أو مُذكرة جوابية، أو اعتراض، أو كانت توكيلاً أمام الجهات الرسمية أو القضائية، أو أيّ خدمات قانونية أخرى كتأسيس الشركات ... الخ.

نشرت في حالتي على تطبيق "الواتس أب" مقتطفا من مقال يتعلَّق بالعملاء الذين يُتعبون المُحامين في الحصول على أتعابهم، فوجدت تفاعلاً كبيراً من الزملاء وكأن الأمر أصبح مما تعم به البلوى. فكان هذا التفاعل دافعاً لكتابة هذا المقال.

تُحدَّد أتعاب المُحامي عن طريق الاتفاق بينه وبين العميل وهذا هو النمط السائد في الدول العربية، أو عن طريق احتسابها بساعات العمل المبذولة وهو المعمول به غالباً في الدول الغربية. إن احتساب أتعاب المُحامي سواء أكانت اتفاقاً مع العميل، أو من خلال تقدير عدد ساعات العمل على القضية يُبنى على عدة عوامل منها؛ سُمعة المُحامي، وخبرته، وتخصصه في قضايا مُعيَّنة، ونوع القضية، وحجم وعدد مستنداتها، ومدى تعقيدها وتفرعاتها، والجهد المبذول فيها، وعدد المُحامين الذين سيعملون عليها، والمبالغ الُمتنازع عليها، ومقدار تفرُّغ المُحامي لها، وترتُّب تعارض المصالح على توليها، وعدد المُراجعات اللاَّزمة للقضية، ولزوم سفر المُحامي وتنقلاته من أجلها، ومدى تأثير القضية ومساسها بحُرية، أو سمعة، أو أموال العميل سلباً أو إيجاباً.

لا نستطيع أن نحصرأنواع العُملاء عند الحديث عن الأتعاب، وسأسلِّط الضوء على أشهر خمسة أنواع لا يخلو مُحامي من التعامل مع أحدها؛ فالنوع الأول يتمثَّل في العميل الذي يُقدِّر جُهد المحامي، وأهمية دوره، فيقف عند الأتعاب التي يفرضها المُحامي كون من يُقدِّم الخدمة هو من يتولَّى تحديد ثمنها، وهذا العميل لا يُكثر النقاش مع المُحامي ويتفق معه دون تلكؤ، ويلتزم بسداد الأتعاب وفق ما تم الاتفاق عليه. ومثال النوع الثاني هو العميل الذي ليس لديه معرفة بالمحاماة، وإجراءات التقاضي، ومراحله وقد تكون المرة الأولى التي يلجأ فيها إلى مُحامٍ، وهذا النوع يتم الشرح له عن الخدمات التي يقدمها المحامي وأهميتها، وعن مراحل، وإجراءات التقاضي، والجهود المبذولة في كل خدمة قانونية يحصل عليها من المُحامي، والعميل في هذه الحالة له الخيار، إما أن يُبرم الاتفاق مع المُحامي أو لا. والنوع الثالث يُمثلِّه العميل الذي له علم ودراية بالمحاماة، وأهميتها، ودورها في الحصول على الحقوق، ولكنه مُفاوض مُرهق ويهدف إلى الحصول على أقل الأتعاب – وحُق له ذلك- والمُحامي مع هذا النوع له الخيار أيضاً فإما أن يُبرم اتفاقاً معه أو يُحجم. أما النوع الرابع فهو المُعضلة ومحل المقال، ذاك العميل اللطيف ابتداءً والمماطل انتهاءً فهو لا يُبدي اعتراضاً أو تحفظاً حين الاتفاق على مبلغ الأتعاب، و يُبرم عقد تقديم الخدمات القانونية مع المُحامي بكل أريحيِّة، وهذا النوع من العملاء على درجات، فأفضلهم الذي يُسدد دفعات الأتعاب بعد مواعيد استحقاقها بفترات بسيطة، يعلوه درجة الذي لا يُسدد الدفعات إلا بعد مطالبته مراراً وتكراراً ومخاطبته رسمياً، والدرجة الأصعب في هذا الصنف هو العميل الذي يمتنع عن السداد الأمر الذي يضطر معه المُحامي إلى اللجوء إلى القضاء للحصول على أتعابه.

والنوع الخامس يتجلَّى في العميل المُتذاكي، وغايته الوحيدة هي الحصول على خدمات قانونية مجانية مستخدماً وسائل متعددة، ومتنوعة لبلوغ مرامه.

إن الوقت هو أغلى ما يملكه المُحامي، فهو رأس ماله الحقيقي، وعليه ألا يبذله إلا لمن يُقدرِّه ويستحقه.

وللحد من رهق الحصول على الأتعاب وحتى لا يكون الحصول على الأتعاب مُعضلة، أوصي نفسي وزملائي بالآتي:
  1. لا بُد من إشعار العميل بأتعاب الاستشارة قبل تقديمها أو حضور العميل إلى المكتب، وفي هذا حفظ لوقت المُحامي، وقياس لمدى جديّة العميل في الحصول على الخدمة القانونية، فالذي يضِنّ بدفع أتعاب الاستشارة ليس مُهيئاً لدفع أتعاب القضية.
  2. أثناء تقديم الاستشارة لا بد من سؤال العميل عن الخدمة القانونية التي يُريد الحصول عليها بالتحديد، وعلى المُحامي أن يُفصح للعميل عن أتعاب هذه الخدمة وما سيقدمه للعميل بالتفصيل.
  3.  بعد الاتفاق على الخدمة القانونية المطلوبة لا بُد من صياغة عقد أتعاب مُفصَّل ومُحكم؛ في نطاقه، وموضوعه، ومدته، والتزامات طرفيه، وأتعابه ومواعيد استحقاقها، وآليات استيفائها، وضمانات التزام الوفاء بها.
وليتذكر المُحامي بأنه ليس هُناك فشل ولكن خبرات وتجارب، وليستحضر دوماً أن من لا يستطيع الحفاظ على حقوقه سيجد صعوبة في الحصول على حقوق موكليه.


بقلم المحامي مؤيد بن محمد السنوسي

مواضيع مقترحة

0التعليقات