لغة القالب

القائمة الرئيسية

تابعنا

مراجعة رواية: القبيلة التي تضحك ليلًا


للحياة مواقيتها التي تدور بين ما حصل ونعيشه وسيحين موعده، ووظيفتك الإنسانية بينها أحيانًا ألا تقف، تسير بما ينقصك وبما أضيف لك، بين ما أخذته وما أُعطيته. 

اسم الكتاب: القبيلة التي تضحك ليلًا
تأليف: سالم الصقور
دار النشر: دار مسكلياني
تاريخ النشر: 2024

للأمل حِسبة أخرى لا نعرفها وقد لا نتقن معادلتها الصعبة داخل الحدث بينما نبدع في خارجه، عندما لا يطال الأمر شخصنا ودوائرنا المقربة. 

الأمل في عين المُلتاع ما هو إلا طريق وهمٍ مشوّش يختار السير فيه تفاؤلاً باحتماليّة تشكُّله إلى حقيقة أو لأي شكل آخر دون أن يستمر يأسًا كُحلِيًا لا ضوء في آخره ولا نجمة يهتدي بها. بدأت فصول الرواية واستمرت بالمواقيت، بالساعة التي نذكرها تمامًا حين يشتد الحدث، حينما يمسّ جزءًا منا ومن دوائرنا، عندما تطالنا كلمة تقصف أعمار أماننا أو تحاول النيل من بقيّة محاولاتنا، أو تستنقص شيئًا لا تعرفه أو تزاود عليه، أو ربما سؤال في غير موعده قصد وجهةً ليست له ولا تعنيه لكنه حُشر داخل مسامعنا ليصبح ضمن وجهاتنا، وأسرارنا،وما نكن وما نُعلن، في محاولة فضول، أو استفهام أو كشف أو شفقة بحسب نيّة صاحبها. 

حضرت نجران هنا، وأنا أحترم أولئك الذين يقدّمون لنا داخلاً قد لا نعرفه كثيرًا، ينشرون تاريخًا قد لا نقرأ عنه بشكلٍ دائم ولربما تقصيرًا منا، أعتز بمن يضعون لنا ضوءًا على الخارطة ويصحبون القارئ إليهم، بفيض ثقافتهم والحديث عن مداخلها ومساراتها وأفكارها وأسمائها وبيئتها بكرمٍ بالغ. 

هنا وجدت لغةً عربيّةً صافية ومترادفات ثرية، لمحتُ ثقافة قارئٍ نهم بين السطور، يقرأ في كل المجالات ولا يسلّم نفسه لمجالٍ واحد، ربما انتظرت نهايةً مختلفة لكنها الحياة بواقعيتها، فإن توقّعتها قد تخرج عن نصِّك، وإن سلّمتَ لها تسلَم. 

البطل النجراني هنا ليس كأي بطل، بطل يحاول إضحاك قبيلته ليلاً، يحاول أن يهديها طلقات فرحٍ ليلية بغض النظر عن سببها ذكرًا كان أم أنثى، يحاول أن يخلّد اسمه، أن ينتصر لنفسه بعدما عرفها تمام المعرفة وتصالح مع ضعفها وماضيها وربما يتصالح مع حاضرها. 

رواية تهمس لك سرًا: 

ما يحدث لك قد يحدث للجميع لكننا لا نفصح، ما مررت به أوجعك وربما أوجعت به غيرك عن قصدٍ أو بدون، وأن ما تخشاه وتعاني منه يعبُر منك بمخارج متعددة وقد تؤذي به نفسك أو غيرك أو ربما تصل إلى نضجٍ كافٍ لتفهمه وتفهم الآخرين به دون حديث، ولا منطق ولا لغة، إنما في لمحة العين وفيض الخاطر. 

تُفصح لنا بسير أحداثها، أن المطارات والمستشفيات وطرق السفر والاستراحات والأسواق ومحطات الحياة وأماكنها حمّالة أوجه، تحمل مشاعرًا وقصصًا ووجوهًا وتناقضات، تبدأ وأخرى تنتهي في ذات اللحظة، إحداها يترقب فرحًا والآخر حزنًا، وفي الانتظار تظهر دوافعنا ونوازعنا الإنسانية واللا إنسانية غالبًا، ما علمنا منها وما لم نلحظه بعد. 

هنا سالم هنا نجران هنا القبيلة التي "ربما" تضحك ليلاً من أجل بطل روايته.. 

في يومٍ ما.


مراجعة: منى كنعان

مواضيع مقترحة

0التعليقات