مراجعة رواية: 2084
"الديمقراطية وجميع المثل لابد أن تسقط أمام الجوع، حتى الشرف والكرامة يسقطان أمام الجوع ، فالجوع هو ذلك الوحش الذي دائماً ماتربع على رأس قائمة أولويات الإنسان ، فمعه لا ديمقراطية يمكن أن تصمد ولا شيء آخر."
اسم الكتاب: 2084
المؤلف: جعفر سليمان
عدد الصفحات: 366
دار النشر: بوك لاند
التصنيف: رواية (خيال علمي)دار النشر: بوك لاند
تدور الرواية حول :
(الحرية أثمن من الخبز، الحرية أثمن من الدواء، الحرية أثمن من السكن)
دولة تقوم في المستقبل اسمها كبتيليا تحمل هذه الشعارات بل تعيش عليها وتتنفس من خلالها. دولة لها نصف الكرة الأرضية في مقابل دولة أخرى لها النصف الآخر اسمها بروتيليا.
تعيش كما يقال على شعارات تلك الدول التي قامت في بداية القرن العشرين.
عزيزي القارئ هذه رواية ستأخذك في جولة تطل على المستقبل كما رسمه الكاتب، وقد تستنتج من خلال قراءتك لها أنها تتقاطع مع رواية جورج أورويل ١٩٨٤.
رأيي الشخصي :
قدمت لنا هذه الرواية رؤيا عميقة وتخمينات مثقلة عن المستقبل الغير بعيد بالنسبة لما تؤول إليه أحداث العالم اليوم، فصنعت لنا عالم متكامل مليئ بالأحداث والشخصيات ، وأحداث علمية وتقنية وأجواء اقتصادية تنافسية تدور بعالم سياسي فاسد واحتيالي.
البناء الروائي وتسلسل الأحداث متقن جداً والصراع بين الشخصيات والآراء شكل لنا أحداث صادمة تكاد تكون رؤيا واقعية عن الوقت الحاضر وليست عن المستقبل وعن احداث ما بعد الحروب والدمار.
وفي كثير من المواقف والأفكار و الاقتباسات لم تذكرني إلا بأحداث الحرب التي عايشتها وخضت في غمارها لعدة سنوات ، ف الديماغوجية والرأسمالية وحتى البرجوازية جميعها لم ينتهي عصرها بل يخف ضوءها أو يسطع على حسب المكان والزمان ، وأكثر ما يكشف عنهم وعن أصولهم المتشعبة في عقول الناس والحكام هي أوقات الحروب وما بعدها ، ف ها هنا بذات المرحلة تبدو الحياة كغابة والجميع بها مفترس والبقاء بها للأقوى.
لذلك كان العامل السياسي بالرواية موجه لحاضرنا أكثر من كونه رؤيا علمية، لأننا اليوم وبكل ما ندعيه من ثقافة وتطور وتحضر مازلنا نتعامل كقطيع مضللين ومنسوبين لجماعات لا نعرف منها إلا شعاراتها.
وضحت بالأعلى رأيي بالبناء الروائي وتسلسل الأحداث المتناسق ولكن عامل الزمن لم يكن مناسب جداً لكل هذه التغييرات و الأكتشافات والحضارات ، ف نحن هنا بالرواية نتكلم عن قيام حرب عالمية ثالثة وقنابل نووية وقتل خمسة مليار نسمة من الكرة الأرضية ومحو ثلاث أرباع معالمها وحياتها ، وبناء حضارات جديدة وأكتشافات علمية وأسس دولية وانقسام بشري واستقرار أمني فقط ب ثلاثة وستون عام !
إنه ليس بالأمر الهين ويحتاج أكثر من ذلك بكثير لبناء كل هذا.
قبل أن اقرأ نبذة الكاتب عن الرواية شعرت وأنا اقرأها بتشابه كبير بين أسلوب الكاتب بالرواية وبين أسلوب الكاتب جورج بروايته مزرعة الحيوان، لأن أغلب أفكارها طرحت هنا بصياغة مختلفة.
وعندما قرأت النبذة وجدت ذكر الكاتب تقصده بأعادة صياغة أفكار جورج أورويل ب رواية 1984 التي لم اقرأها، وبذلك ارى أن حتى مع أعتراف الكاتب بأستنساخ الأفكار ف يبقى ذلك بالنسبة لي مرفوض وغير محبب لأن آيضاً فكرة أسس الدولة التي ذكرت بالرواية ( دولة كبتيليا) طرحت من قبل بالعالم الغربي وتحديداً بفيلم سينمائي يحمل اسم ( In time) وبهذا تصبح الرواية جميع أفكارها مستنسخة ومستهلكة ولا يوجد بها أي جديد مبتكر.
لقد قرأنا عن العنصر السياسي والعنصر الدرامي وعن الشخصيات وعنصر الزمن وفكرة الرواية ولكننا نتسائل هنا عن العنصر الديني أين هو؟
نعم حقاً أين هو؟ كيف سنجده بتقييمي إن لم نجده أصلاً بالرواية وأحداثها المستقبلية!!
نحن هنا لا نتكلم فقط عن الدين الإسلامي بل عن جميع الأديان الموجودة في هذا العالم، أين ذهبت بهذه السنين القليلة فقط؟! كيف نزعت من القلوب ومن الحياة ومن الممارسات؟.
الكاتب لم يتطرق للأديان إلا بجملة مقتضبة فقط وكأنه يريد مننا أن ندرك أن المستقبل خالي تماماً من الأديان والأيمان مهما كان نوعه، وأن بمعركة الإلحاد والدين المنتصر هو الالحاد من غير شك.
فالعلم والدين لا يلتقيان.
وهنا أختلف معه وأتفق أكثر مع دان براون الذي قال : أن الدين والعلم يقدمون رسالة واحدة ولكن بأساليب مختلفة.
وأعيد وأكرر أن مهما كان الذي حصل من حروب ودمار وثورات لا شيء لا شيء إطلاقاً يستطيع محو الدين وتنحيته بهذه الطريقة ، بل على العكس الناس تختلف بأيمانها ولكن أغلبهم عند الشدائد والمصائب يكبر الدين ويشتد بقلوبهم.
الأفكار التي استشفيتها من الرواية:
- الإنسان الخائف يضع الأمن من أولى أولوياته .
- لا يمكن تحرير من لا يرى القيود التي تغل يديه.
- الإنسان عدو ما يجهل.
- خلف سياج الموت ربما هناك تبدأ الحياة.
- قد تكون الخيانة والغدر من اقرب الناس لك .
- لا يمكن للسنين تغيير مسار تعفن المجتمعات.
- العلم وحده غير قادر على النهوض بمجتمع يحتاج للإيمان.
مراجعة: ولاء العسس