مقال: كيف نستقبل شهر رمضان؟
نريد أن نذكر أنفسنا بأمور نستقبل بها هذا الشهر الفضيل ومن أعظمها أن نصلح هذا القلب لأنه أساس الأعمال ووصل الحركات بالبدن فإن طاب القلب طاب البدن وإن فسد القلب فسد البدن وما نتج عنه من أفعال, فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من قسوة القلب فيقول صلى الله عليه وسلم: (اللهم إن أعوذ بك من قلبٍ لا يخشع).
ومن أهم ما يصلح به القلب قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته وصون الجوارح وحسن الخلق مع الناس والاستغفار والإلحاح بالدعاء وحفظ اللسان عن الغيبة والنميمة وسوء الأخلاق قال تعالى: (أيحبُ أحدكم أن أكل لحم أخيه ميتاً كرهتموه), وقال صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه), فعلى المسلم أن يتحلى بالأخلاق الحسنة فإذا سبه أحدهم أو شتمه أن يقول "اللهم إني صائم"، واستحضر هنا قول الشاعر:
ما صام من أكل اللحوم بِغِيبةٍ
أو قال شراً أو سعى لِخَرِابِ
ما صام من أدَّى الشهادَةَ كَاذِباَ
وأخل بالأخلاقِ والآدابِ
شهر رمضان شهر الانفاق والجود والإحسان وشهر العتق من النيران شهر تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران وتصفد فيه الشياطين شهر تغفر فيه الذنوب, فيجب على كل واحدٍ منا اغتنام هذه النفحات الربانية والعطية الإلاهية فالصيام شعيرةٌ عظيمة وهي سرٌ بين العبد وربه ففي الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا اجزي به).
كذلك لابد من الفرح بقدوم شهر رمضان الكريم لأنه موسم من أعظم مواسم الطاعات والبركة ولابد من إظهار هذه الفرحة بالشكر والحمد على أن بلغنا الله رمضان وأن نبارك لبعضنا قدوم هذا الشهر الذي فيه أنزل القرآن وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) ).
كان السلف الصالح اذا دخل رمضان تركوا العلم وانشغلوا بالعمل الصالح وكانوا يدعون الله 6 أشهر قبلها أن يبلغهم رمضان, كان الامام الصالح ابراهيم بن هانئ يكثر من الصيام فلما حضرته الوفاة جف ريقه ويبس لسانه فالتفت الى ولده قال: (يا ولدي أنا عطشان) فجاءه ولده بماء فلما قربه إلى فِيه اغلق شفتيه فقال: (أغابت الشمس؟) قال: لا فدفع الاناء عن فمه فأصر عليه وهو يرفض فجلس ولده ينتظر أذان المغرب والإناء بيده فسكت الشيخ فأخذ يصارع سكرات الموت ثم قرأ (لمثل هذا فليعمل العاملون) ثم تشهد ومات وهو صائم.
فعلى المسلم أن يحرص على الطاعات في هذا الشهر وألا يفوت الشهر الكريم وهو شاغلٌ نفسه ببرامج في التلفاز وغيرها من الأمور التي تلهيه عن فضائل عِظام لعلّ أهمها أن يشهد ليلة القدر! فالنفس إن اطلقت لها العنان لما شاءت وتقضي وقتها كيف شاءت خسرتْ وخابتْ , وان قدتها وعودتها على الخير انساقت بك للخير كما سقتها إليه.
ختاماً، اللهم سلمنا لرمضان وسلم رمضان لنا اللهم كما بلغتنا شعبان بلغنا رمضان وارزقنا فيه الصلاة والصيام والقيام , اللهم اجعلنا فيه من المستغفرين واجعلنا فيه من عبادك الصالحين القانتين واجعلنا فيه من أوليائك المقربين واجعلنا فيه من عتقائك من النار برحمتك يا ارحم الراحمين.
بقلم:
روان الحربي
للتواصل:
https://twitter.com/Rawan_7arbi